الجمعة، 28 أكتوبر 2016

اخر ظهور /عرفات اليوسف

قصة قصيرة
اخر ظهور 
الغرفة هادئة كل شيء ساكن الساعة الجدارية بطيئة الحركة لا تكاد تتحرك الا بصعوبة كان هناك من يعيقها عن الحركة ماهي الا الساعة السادسة صباحا" ,تحولت انظارها وهي نائمة على سريرها متعبة مرهقة من كثرة النوم الى جانب النافذة عسى ان تكون الشمس قد اشرقت وانهت سواد الليل ,لكنها لاحظت ان الثلوج انهت كل امل بظهور اشعة الشمس , قامت يجر جسدها بصعوبة لتتحرك نحو النافذة وتفتحها لتشاهد ما يحدث بشارع , ابعدت الستارة وامسكت بالمقبض وما ان فتحت حتى هب نسيم بارد وقطع الثلج على وجهها , وشاهدت ان الشارع المقابل للنافذة مغطى حتى نصف متر بالثلج السيارة منغمسة والهدوء يعم المكان الا من بعض المارة الذين يتحركون بصعوبة بغور رجلهم بالثلج ,عادت ادراجها واغلقت النافذة ورمت بجسدها على السرير واغمضت عيناها ,لم تنم انما هو السكون كحال غرفتها ومنزلها البائس عائلتها التي هجرت بسبب الحرب جاءت الى هذا الجزء من العالم البارد واصبحوا يعيشون على المساعدات للاجئين ولا يخرجون لان الجو بارد جدا ولم يتعودوا عليه ,لم يكن هناك اصدقاء ولا معارف ولا اللغة تتقنها لهذا الوحدة تتعبها كأنها سجن للموت , سمعت رن هاتفها برسالة نصية ,نهضت وامسكت به من الطاولة المقابلة للسرير ,فتحت الرسالة كانت من شخص لا تعرفه على برنامج الدردشة , اسمه (علي) وجذب اسمها الشاب ليراسها (منار) , بقيت تنظرها اليها لتقرر بعد دقائق مراسلته , وبعد الاثنان بتجاذب الحديث والتعارف , وبعد ساعة تركها وذهب ليكمل درسوه وينام لأنه احد طلاب الكلية الطيبة واخر سنة للتخرج حيث اختلاف الساعات فهي نهار وهو ليل ,نهضت بنشاط وذهبت الى الطابق السفلي حيث قبلت والدتها التي تحضر وجبة الافطار وجلس والدها ليتم التناول والحديث عن بلدهم واخبرتهم عن الشاب الذي تعرفت عليه واصبح صديقها اليوم وهو يسكن في البلد المجاور لبلدهم , كان وجوده بشرى خير و وجدوا من يتحدثون معه ,مرت عليها الايام بخفة كانت تحادثه حسب وقته , حتى اوقات الجامعة يعتزل بعيدا عن اصدقائه ليحادثها , كانت لا تنام الا قليلا وتنهض على صوت الرسالة النصية همها هو ومحادثته نشا تبيهما صداقة عميقة وقوية دخلت الحديث بينهما بتفاصيل دقيقة لحياتهم وعلاقاتهم الخاصة ,اصبحوا اصدقاء قريبين بمشاكلهم اليومية كانت تسمع له كثيرا وتهتم لأمره وتحلل معه المشاكل , انهى دراسته وفكر ان يسافر ليلتقي بها هناك في ذلك المكان البارد عبر المحيطات ,اتفقا اخيرا على الموعد وكانت متلهفة لتراه , الاموال التي جمعتها اشترت بها له الكثير من الهداية وخططت ايضا لسياحة معه في المدينة التي تقطن بها , اخذت الخريطة واعدت لها, هي التي لا تهتم لشيء الان اصبحت مهتمة جدا ونشيطة من اجل صديقها (علي) القادم من بعيد ,فكرت كثيرا ان تقنعه بالبقاء هناك معها ولكن كيف يترك عائلته راودتها الكثير من الافكار حوله , ولكن رنت هاتفها بوصول رسالة جعلتها تسرع الى الهاتف فاذا هو (علي) ...عزيزتي (منار) انا قادم اليك بعد يومين حجزت قبل قليل على الطائرة اصل اليك السعة الخامسة مساء" بتوقيت البلد الذي انت فيه ضمن مطار المدينة ,سوف نلتقي ونتحدث والان اتركك بأمان الله ,لدية اعمال علي انجازها قبل السفر .مع السلامة , كان وقع الرسالة على قلبها كانه الربيع قد حل وازهرت الورود ,غاب عنها لساعات ,لم يهدا بالها بغيابه رغم انه نبها لذلك ,كلما فتحت هاتفها يظهر لها اخر ظهور قبل عدة ساعات ,فزعت من شدة الانتظار حتى جاء موعد الوصول ,ذهبت للمطار مع ابيها وامها وجلست تنتظر وباقة الاحمر الورد بيديها حتى وصلت الطائرة ,نهضت لاستقباله وقفت بين المستقبلين ,حتى وصل للقاعة القادمون من المسافرين واستقبلهم اهليهم وبقيت اخر وحدة تنتظر لم يظهر (علي) احست بقبضة في قلبها كيف يفعل بها هذا ولكن لتذهب وتتأكد من قائمة المسافرين ,وصلت الى الموظف المسؤول بالمطار وسالته عن اسمه كونه مسافر فاخبره بانه لا يوجد ضمن الركاب اسم (علي) احس والديها بالصاعقة المؤلمة على ابنتهم اخذوهم الى المنزل لتنسى ما حدث, مر يومان ولا زال الهاتف بيديها ولا ترى الا اخر ظهور حتى قررت ان تخرج من حبسها وتهبط الى الاسفل وتجلس مع والديها , كانت فرحتهم كبيرة بها جلسوا وتحدثوا وهم يتابعون الاخبار على شاشة التلفاز حتى ظهر خبر عاجل وقف الجميع عن الحديث وانتبهوا له كان شريط فديو يظهر به عائلة طبيب معروف تم اغتياله مع عائلته بمنزلهم منذ 5 ايام والشريط يوضح بشاعة الجريمة وكيف تم تصويرها ,وعندما توضحت الصورة ظهر(علي) مكبل من قبل افراد عصابة مسلحة وهي تطلق النار على راسه ومن ثم باقي افراد عائلته , هنا جن جنونها وعرفت ان اخر ظهور كان قبل مقتله بدقائق منذ اخر حديث معها بعد حجز الطائرة ,سقطت مغشي عليها فقد خسرت الصديق بموت مغتصب لروحه هي هربت بسبب الحرب من بلدها واكتملت لها الاحزان بموت صديقها على ايدي صناع الحرب , لم تبقى لها سوى ذكرى واحدة وهي اخر ظهور منه 0
انتهى 
عرفات اليوسف / العراق / البصرة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق