الثلاثاء، 21 يوليو 2015

الملوخية /قصة : محمد عارف مشّه

الملوخية 
قصة : محمد عارف مشّه
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
كنست الحوش . رشّت الماء بيدها من إبريق فخّاري . أعدّت له متكئا . أحضرت طعام العشاء على صينية من قش . وضعت الطعام وإبريق الشاي والماء البارد أمامه . صرفت الصغار إلى اللعب بعيدا عن إزعاج الأب . أحمد الصغير تشاغل عن الجوع باللعب في كرة مصنوعة من جورب قديم . تشاغل خالد بكتابة درس الإملاء ليكمله مائة مرّة . عائشة توكلت بمهمة إبعاد الدجاجات خشية أن تلقي إحدى الدجاجات بزقّها فيصاب الأب بالقرف من الزّق ولا يكمل عشاءه .
جلست الأم بعيدة تنتظر أن يفرغ الأب من تناول العشاء بحياكة بنطال أحمد المثقوب بوضع رقعة قماش ذات لون مختلف عن لون البنطال ، فوافق أحمد على مضض وهو يمني النفس بشراء بنطال جديد حين يستلم الأب راتبه الشهري .
فرغ الأب من تناول الطعام . تجشأ . أسرعت الأم بصب الماء البارد في الكوب وهي تبسمل وتحوقل خوفا على زوجها . صبّت له الشاي في الكوب . غضّت بصرها حين وجدت الصحون فارغة وهي التي صبّت كل الطعام في هذين الصحنين . حارت في كيفية توفير طعام العشاء للأولاد ولم يستلم الأب راتبه الشهري منذ ثلاثة أشهر .
أسرع الأولاد نحو صينية الطعام فكانت عائشةأول من أصيبت بفجيعة الصحون الفارغة فجلست مستكينة تلعب بجديلتيها بخيبة قبل أن يصل أحمد وأخوه خالد لمصيبة فقد الطعام . دارت الأم خجلها بغطاء رأسها وهي ترفع صنية القش الخالية من الطعام .
ـ أمي أنا جائعة قالت عائشة .
تجاهلت الأم نداء الجوع وواصلت سيرها فأكمل أحمد مشجعا أخته : انتظري يا عائشة ستملأ لنا أمي الصحون وتحضر لنا الخبز الشهي . فأنا شاهدتها اليوم تخبز الخبز في الطابون وكانت رائحته شهية .
ـ وأنا شاهدتها تعد الملوخية والأرز هذا اليوم بعد أن قام جارنا بذبح إحدى دجاجاتنا ونتفت أمي ريشها . لابدّ أن عشاءنا شهيها هذا المساء . قال جملته الأخيرة وهو يتلمظ بشفتية لذّة واشتهاء .
عادت الأم فتهللت وجوه الأولاد وجلسوا استعداد لتناول طعام العشاء الشهي . اقتربت الأم . وصلت . وضعت صينية القش فوقها ثلاثة أرغفة من الخبز .
صرخ الأولاد بدهشة : أين طعام العشاء؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق