الثلاثاء، 7 يوليو 2015

ليلة القدر /محمد الخضري

ليلة القدر
.............
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد:

قد مضت سنة الله عز وجل في مخلوقاته أنه يختار ما يشاء، قال تعالى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ} [القصص: 68]، فاختار من الشهر شهر رمضان، ومن ليالي الشهر ليالي العشر الأواخر، ومن هذه الليالي المفضلة ليلة القدر فهي خيار من خيار من خيار.
لماذا سميت ليلة القدر؟
1- لأن الله يقدر فيها الأرزاق وأمور العباد وتأخذ الملائكة صحائف الأقدار عاماً كاملاً من ليلة القدر إلى ليلة قدر أخرى، فلا يبقى جليل ولا حقير إلا كتب الله أمره عاماً كاملاً، قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ(3) فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ} [الدخان: 3-4] .
2- لأن الله أنزل فيها القرآن وهو أعظم ما يكون من الكتب قدراً.
3- لأن الإنسان يعظم قدره فيها إذا أحياها، لذلك قد تكتب السعادة لإنسان بعد إحيائها قال تعالى:
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر:3] إحياؤها أفضل من عبادة 84 عاما.

4- لأن الأرض تضيق والقدر هو التضييق كما قال تعالى: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} [الطلاق:7]، أي ضيق عليه لأن الأرض تضيق من كثرة الملائكة التي نزلت من السماء.
والصحيح أن كل ذلك واقع في ليلة القدر كما ثبت في النصوص.

ماهي الحكمة من إخفاء ليلة القدر وعدم معرفتها؟
عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر فتلاحا رجلان فقال: « إني خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحا فلان وفلان لعل ذلك أن يكون خيرا، التمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة» [مصنف بن أبي شيبة]
تفسير سورة القدر

قال تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ} أي القرآن جملة واحدة من اللوح المحفوظ إلى السماء الدنيا.
{فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} أي ليلة الشرف والتعظيم.
{وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} هذه الصيغة يستفاد منها التفخيم أي ما أعلمك بليلة القدر وشرفها.
{لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ} أي العمل الصالح فيها من صلاة وتلاوة ودعاء خير من عبادة ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، والمراد بالخير هو ثواب العمل فيها وما ينزل الله فيها من الخير والبركة.
{تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا} ذكر الله ما يحدث في هذه الليلة أن الملائكة تنزل شيئا فشيئا لأنهم سكان السموات والسموات سبع، ونزول الملائكة في الأرض عنوان الرحمة والخير والبركة ولهذا إذا امتنعت الملائكة من دخول مكان قد يخلو من البركة والخير كالمكان الذي فيه صور.
{بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ} أي بكل أمر يأمرهم الله به وهو ما قضاه الله في هذا السنة.
{سَلَامٌ هِيَ} وصفها الله بالسلام لكثرة من يسلم فيها من الآثام وعقوباته - قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبة».
{حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ} أي هي سالمة من الشر كله من غروب الشمس إلى طلوع الفجر.
هذا ونسأل الله أن يجعلنا ممن يوفقون لقيامها ويعيننا على ذلك، ونسأله أن يجعل قيامنا بين يديه خير قيام، ونسأله إخلاصا لوجهه وخشوعا بين يديه فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليلة خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم» [رواه ابن ماجه].
وآخر دعوانا أن الحمدلله رب العالمين.
محمد الخضري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق